- mohamed.ashreef@ma.com.ly
- 091-5257731
عن محمد
تناغم التعلم الذاتي مع المعرفة الأكاديمية والممارسة المهنية
التعلم الذاتي
المَلَكة الفطرية والشغف، كانا مجدافي القارب الذي أبحر به محمد في يَم اللغات الشاسع، مستعيناً بشراعٍ من المثابرة يدفعه دعاء الوالدين حفظهما الله. انطلق في رحلة تعلمه الذاتي عبر الإنترنت في العام 2002، مُوَظِّفاً برنامج “سكايب” في التواصل مع
الناطقين الأصليين باللغات اللاتينية – خصوصاُ الإِيطاليين، وقد نجح في تكوين صداقات متينة في كل مقاطعات إيطاليا
هذا التواصل الدائم نمى من مهارات استقبال وانتاج اللغة لديه. من جهةٍ أخرى، شغف محمد بكرة القدم دفعه إلى تفريغ المقاطع الرياضية والمقابلات مع لاعبيه المفضلين، وكانت تلك نقلة نوعية، حيث وجد ضالته في إثراء موارده المعجمية والنحوية من خلال التفريغ الصوتي، وعندها لم يقتصر الأمر على الرياضة فحسب، بل اتسعت رقعة اهتماماته لتشمل شخصيات بارزة في كل لغة، من سياسيين ومفكرين إلى أبطال أعمال درامية، كان محمد يعشق الاستماع لهم والنهل من معينهم اللغوي، وهم: السياسي “جورج قالاوي” في الإنجليزية، الساخر ومقدم البرامج الشهير “باولو بونوليس” في الإيطالية، المفكر والكاتب اليساري “مارك إدوار ناب” في الفرنسية، وأبطال المسلسل الأرجنتيني الشهير “اللؤلؤة السوداء” في الإسبانية، عكف محمد على تفريغ كم هائل من مقاطع هؤلاء – الذين كانوا بمنزلة ملهمين لغويين– حتى أنه حفظ العديد من خطاباتهم عن ظهر قلب، وكان يستعين بأصدقائه المتحدثين باللغة الأم في كل مرة يشكل عليه سماع الألفاظ بشكل واضح أو عندما يواجه صعوبة في فهم بعض التراكيب النحوية المتقدمة
في حقبة ما قبل الذكاء الاصطناعي وحاشية الترجمة التلقائية، كانت عملية تحويل الكلام المسموع إلى مكتوب تعج بالتحديات التي كانت في نهاية المطاف سببا رئيساً في تعزيز فهمه وإتقانه للغة.استمر محمد في هواية التفريغ للحد الذي مكنه من اجتياز اختبارات اللغة الفرنسية (ديلف) والإيطالية (بليدا) والإسبانية (ديلي)، فكانت هذه الشهادات بمثابة أوراق اعتماده الرسمية كواحد من الأشخاص متعددي اللغات.
والجدير بالذكر، أن محمد ابتدع هذه الطريقة في التعلم في مرحلة الهواية، وعند جلوسه على مقاعد الدراسة الأكاديمية ودخوله مرحلة التخصص لاحقاً، أدرك أن الأسلوب الذي اتبعه بشكل فطري هو في حقيقة الأمر أسلوب منهجي علمي، أُفردت له الأبحاث والأوراق العلمية كونه طريقة متكاملة تجمع بين تنمية المهارات الأربعة: الاستماع والمحادثة والكتابة والقراءة في آن معاً
الخلفية الأكاديمية
إِضافةً إِلى ليسانسِ اللغةِ الإِنجليزيةِ وآدابها من جامعةِ طرابلس، ودبلومِ تدريس الإنجليزيةِ للناطقينَ بغيرها منَ الأَكاديميةِ الدوليةِ للغات بدولة«TESOL»
كندا، ودرجةِ الماجستيرِ في الترجمةِ التحريريةِ والشفويةِ من الأَكاديميةِ الليبية، يحملُ محمد شهادتي الدبلوم العالي والبكالوريوسِ في هندسةِ التحكم الآلي (الأتمتة) من كليةِ طرابلسَ للتقنيةِ الإِلكترونية. وعلى صعيد تعلم اللغات الأجنبية، لم يعتمد محمد على التعلم الذاتي فقط، بل بادر إلى سد فجوات الهواية بالأكاديميا والتدريب، حيث التحق بدراسة اللغة الفرنسية وآدابها بالجامعة المفتوحة ومازال قيد الدراسة فيها، كما التحق بدورات تدريبية ذات مستويات متباينة في اللغة الفرنسية والإيطالية والإسبانية داخل ليبيا وخارجها.
المهام اللغوية
خلال العقد الأخير، تمكن محمد الشريف من بناءِ أرشيفٍ واسع النطاق إثر خوضه لتجارب متنوعة، تراوحت بين تحرير وتدقيق المراسلات والبيانات الرسمية والملخصات الصحفية، وامتدت لتشمل الأنواع الرئيسية الثلاثة للترجمة وهي
الشفوية، التحريرية، والسمعية البصرية (ترجمة الشاشة)، مستخدمًا في الشفوية العربية والإنجليزية والإيطالية، بينما شملت التحريرية وترجمة الشاشة – بجانب ما سلف – لغتين إضافيتين: الفرنسية والإسبانية. تميزت مسيرته في الترجمة بتنوع الأصناف، غير أن الترجمة السياسية تبقى حجر الزاوية كونها مجال عمله الوظيفي الرسمي.
الترجمة الشفوية
تجاوزت خبرتهُ المهنيةُ عشرَ سنواتٍ كمترجمٍ شفويٍّ، حضرَ فيها بهذهِ الصفةِ العديد من الاجتماعات المحلية وأهم المؤتمراتِ والمحافلِ الدوليةِ بشأنِ ليبيا منذ 2013، من بين هذه المؤتمرات والقمم
مؤتمري باريس وباليرمو، والقمة الأفريقية في برازافيل، وقمة دول حوض بحيرة تشاد في نيجيريا، وملتقى الحوار في جينيف، بجانب عدة زيارات رسمية لوفود ليبية إلى عدة عواصم. وانطلاقا من التعقيدات التي تكتنف جلسات التفاوض والتي تُعدُّ من بين أصعب التحديات في ميدان الترجمة، كونها تتطلب مترجمين يجمعون بين القدرات اللغوية العالية وتعدد المهارات، لعل ما يميز سيرة محمد الشريف الذاتية فيما يتعلق بالترجمة الشفوية هو أنه “مترجم مفاوضات” خاض غمار عدة جلسات تفاوضية، تجاوزت فيها أدواره عملية الترجمة إلى تقديم ملاحظات وإشارات ذكية خلال الجلسات، وجعلته عنصراً أساسياً ضمن فرق التفاوض.
الترجمة التحريرية
شهد العام 2010 بداية محمد في مجال الترجمة التحريرية بصفته منسق مشتريات خارجية في إحدى شركات القطاع الخاص في ليبيا، ومن ثم انتقل إلى منظمة دولية
في مجال الرياضة وهي “الاتحاد الأفريقي لرفع الأثقال”، حيث عمل على مدار ثلاث سنوات كمترجم تحريري وشفوي، قبل أن يلتحق بالمؤتمر الوطني العام في 2013، وهناك كانت انطلاقته في مجال الترجمة السياسية والدبلوماسية، تعامل خلالها مع وثائق شديدة الحساسية مثل مسودات البيانات الختامية للقمم والمؤتمرات الدولية، كما تولى أيضاً ترجمة التعديلات التي أدخلت عليها من قبل الوفود الليبية، وإذ أنه لا يسع حصر هذه المستندات في فقرة تقديمية مختصرة، نذكر منها على سبيل المثال، بيان قمة الاتحاد الأفريقي في برازافيل عام 2017، والبيان الختامي لمؤتمر باريس عام 2018، والبيان الختامي لمؤتمر باليرمو في ذات العام، وبيان قمة دول حوض بحيرة تشاد في 2021. إضافةً إلى ما سلف، قام محمد بترجمة العديد من المراسلات الرسمية من وإلى العديد من رؤساء الدول والاتحادات الدولية.
ترجمة الشاشة
على الصعيد الوظيفي، ترجم محمد العديد من المواد والعروض التقديمية الموجهة للسفراء والمبعوثين الأجانب لدى ليبيا، وعلى صعيد العمل الحر، تولى ترجمة ما يربو عن 30 مادة وثائقية لصالح قناة رياضية خليجية بصفته
“مترجم ظل”، غطى من خلال هذه التجربة العديد من الأصناف، بداية بكرة القدم، مروراً بسباقات الخيول والزوارق، وصولاً إلى رياضات فنون القتال، أما على صعيد التطوع والنشر على مواقع التواصل، فقد قدم مكتبة متنوعة بخمس لغات، قائمة على فكرة رفعِ الذوقِ اللغويِّ والثقافيِّ لدى المتلقي، مردفاً هذه التراجم بمحتويات وومضات لغوية تجمعُ بين الفائدةِ والمتعة.
سماتٌ قيادية
تولى محمد مهاماً ذاتَ طابعٍ قيادي، منها على سبيلِ المثال، مشاركتهُ ضمنَ فريقٍ مفاوضٍ لإِحدى الوفودِ الليبيةِ، لتمهيدِ المسارِ التقنيِّ لـ «مؤتمرِ باليرمو حولَ ليبيا»
قبلَ انعقادهِ بعشرة أيام في عامِ 2018، حيثُ اشتملت مهمةُ الفريقِ على أُموَرٍ عدة، منها تذليلُ أَيَّةِ صعوباتٍ تقنيةٍ وتوضيحُ رؤيةِ الجانبِ الليبيِّ فيما يتعلقُ بمخرجاتِ المؤتمر، وساهمَ السيدُ الشريف في إِعدادِ بعضِ الصيغِ لتضمينها في البيانِ الختاميِّ الرسمي، وكانَ أَحدَ مفاتيحِ التواصلِ ونجاحِ الفريقِ في أَداءِ مهامه، ليسَ لكونهِ متحدثاً باللغة الإيطالية فحسب، بل لِفهمهِ وإِلمامهِ بمواضيعِ الحدث، وقدرتهِ على اتخاذِ قراراتٍ صائِبةٍ سهلت عملَ الفريقِ وجلبت نتائِجَ إِيجابية.
تشبيكٌ فاعل
يُعزى تمكُنُ السيد الشريف من بناءِ علاقاتٍ واسعةِ النطاقِ معَ شخصياتٍ هامة، إِلى وجوده في حاضنةٍ تكنوقراطيةٍ منذُ العامِ 2013، الأَمرُ الذي جعلهُ يوظفُ مهاراتهِ في التواصلِ معَ مدراءَ مكاتبٍ ووزراءَ محليينَ ومبعوثي وسفراءَ دولٍ غربيةٍ لدى ليبيا، ولم تتوقف العلاقاتُ على
الصعيدين السياسي والدبلوماسي، فقد امتدت – بمبادرةٍ منهُ من خلالِ علاقاته الشخصية خارجَ نطاقِ العمل– إِلى صحفيينَ ومحررينَ يعملونَ في قنواتِ وصحفِ الصفِّ الأَولِ عالميا، مثلَ: «لاريبوبليكا» الإِيطالية، و«الإِنديبيندنت» البريطانية، و«ليبيراسيون» الفرنسية، و«أسوشيتد برس» الأَمريكية، إِلى جانبِ قنواتٍ تلفزيونيةٍ وإِذاعيةٍ عالميةٍ أُخرى، مثلَ: «راي أُونو» الإِيطالية.
والجديرُ بالذكرِ أَنَّ محمد كانَ حلقةَ الوصلِ بينَ شخصياتٍ ليبيةٍ والصحفِ والقنوات سالفةِ الذكر، حيثُ نتجَ عن هذا التنسيقِ مقابلاتٌ معَ هذهِ الشخصياتِ ومقالاتٌ عنها، أَشرفَ بنفسهِ على ترجمتها شفوياً خلال المقابلات الصحفية، ثمَّ تحريرياً بعدَ نشر المقالات. تجدر الإشارة إلى أن جهود محمد الشريف كانت منصبة على تحويل نفسه من مجرد محرر أو مترجم إلى شخصية مؤثرة خلف الكواليس تطلق المبادرات وتقوم بالتشبيك والتنسيق وإدارة العلاقات الخارجية.
المنشورات القادمة
تُوِّجَ شغفهُ بالذخائرِ اللغويةِ –أَحدُ فروعِ علمِ اللسانيات– بإِنتاجٍ فكري، وهو مسردٌ متعددُ اللغاتِ بعنوان: «المعجمُ المصوَّر للكلماتِ الإِيطاليةِ في الدارجةِ الليبية»،
وسيرى هذا العملُ النورَ –بمشيئةِ الله– قريباً، بعدَ تبني إحدى دور النشر له. الجدير بالذكر، أن هذا المعجم لا يقدم المفردات فقط، بل ينظمها ويؤطرها وفقًا لمعايير غير مسبوقة في مجال المعاجم، وهي معايير ابتكرها محمد خصيصًا لإثراء هذا العمل.
في مجال الترجمة، يقوم محمد حاليًا بوضع اللمسات الأخيرة على دراسة أكاديمية بعنوان “تحليل أساليب الترجمة غير المباشرة في النصوص السياسية بالإشارة إلى اللغتين الإنجليزية والعربية”. من المنتظر نشر هذه الدراسة في غضون الأسابيع القادمة إن شاء الله تعالى.